المشاركات

ثلاث وقفات مهمة مع الحرب في السودان

  بسم الله الرحمن الرحيم (ثلاث وقفات مهمة مع الحرب في السودان) فإن مما كتبه الله تعالى على جميع عباده مؤمنهم وكافرهم: الابتلاء بالخير والشر، لينظر كيف يعملون، ﴿ ‌ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾ [الأنبياء: 35]. والمصائب في حق المؤمن الصابر المحتسب كلها خير، فهي كفارة لذنوبه ورفعة لدرجاته، روى مسلم عن صهيب بن سنان -رضي الله عنه- أن النبي ﷺ قال: «عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ»، أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يجعلنا ممن إذا ابتُليَ صَبَر، وإذا أذنبَ استغفر، وإذا أُعطيَ شَكَر. وقد ذمَّ الله تعالى من لم تُنبِّهه المصائب وتُذكِّره بذنوبه وغفلته وإعراضه عن الله، قال سبحانه: ﴿أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ‌ ثُمَّ ‌ لَا ‌ يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾ [التوبة: 126] وقال: ﴿ ‌ ظَهَرَ ‌ الْفَسَادُ فِي الْ

تهافت المنهج الإخواني والسروري مع أحداث غزة

بسم الله الرحمن الرحيم فإن موالاة المؤمنين، ونصرتهم، من حقوق الأخوة الإيمانية الواجبة، ولا شك أن نُصرة المسلمين في غـ!ة الذين يُبادون من إخوان القردة والخنازير واجب على كل حاكم مستطيع، أما غير المستطيع فلا يُكلف الله نفسًا إلا وسعها، وعلى كل مسلم فعل كل ما هو مُستطاع للتخفيف عن إخوانه المسلمين، هذا تأصيلًا، أما في الواقع فنحن في ضعف -للأسف- سواء في جانب الإعداد الإيماني أو العسكري.   وبعضهم بدوافع قومية، أو جاهلية، أو ليبرالية ... وغير ذلك، يقول: هذه ليست قضيتي! أو لا يكترث ولا يحزنه ما يفعله اليـ@ـود بإخواننا المسلمين! فأمثال هؤلاء ينبغي أن يُراجعوا إيمانهم!   ومِن جهة أخرى فإن للإخوان المسلمين والسرورية نشاط كبير مع هذا الحدث، ويستغلونه في الترويج لمنهجهم الضال، وتشويه خصومهم السلفيين، وأُلخص ذلك في نقاط:   [النقطة الأولى]:  التكسُّب المالي من التبرعات في إنفاقها على جماعتهم، والتكسب السياسي بتلميع أحزابهم وأوليائهم وحلفائهم من الروافض وغيرهم، وتدليسهم على المسلمين بأنهم هم أهل الجهاد الحق والمقاومة. ولمزيد فائدة في هذه النقطة شاهد هذه الروابط الموثقة من قادات حماس: 1.     https://yo

ألا في الفتنة سقطوا

 بسم الله الرحمن الرحيم [ألا في الفتنة سقطوا] . الذي اختار السكوت واعتزال المعركة الحالية بين قواتنا المسلحة والدعم السريع، واعتبر ما يجري فتنة وأمسك عليه لسانه ... فلو كان الحق واضحًا في هذا القتال وليس فيه فتنة، فصاحب هذا القول -وإن كان مخطئًا- فخطؤه محصورٌ في شيء واحد وهو: (الخطأ في وصف هذا الحدَث) الذي بنَى عليه حكمهُ بأنه فتنة، فيُخطَّأ على ذلك ويُبيَّن له بالحجة والبرهان أنَّ الحق والباطل واضح في هذه الحرب وأنها ليست فتنة. لكن مع هذا لا يصح أن يُجعل (مجرد) سكوته واعتزاله = وقوفًا مع طرفٍ ضد طرف، ما لم يصدُر منه أمرٌ آخر يُبيِّن صِحة التشنيع عليه وعلى موقفه، فمجرد اعتزال هذه الحرب لا يُعدُّ وقوفًا مع أحد الأطراف. فلا يصح اختزال سبب سكوت أصحاب هذا الموقف في دافعٍ واحد، فقد يكون سكوتهم بسبب عدم وضوح الواقع عندهم أو التباسه عليهم، أو لظنهم أنَّ الجيش هو من بدأ قتال الدعم السريع فكان موقف الدعم السريع ردة فعل بتأويل سائغ فكان بذلك فتنةً، أو غلبَ على ظنهم أنَّ مآلات هذا القتال غير حميدة ... أو غيرها من الدوافع التي يصح شرعًا عذرهم بها مع تثبيت خطئهم. أما موقف مزمل فقيري الذي يزعم فيه أ

معالم العبودية في ركعتي الفجر

بسم الله الرحمن الرحيم روى الإمام مسلم (725) عن عائشةَ -رضي الله عنها- أنَّ النبيَّ ﷺ قال: « رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا »، وركعتا الفجرِ هي أحدُ السننِ الرواتبِ، والسننُ الرواتبُ: هي النوافلُ المتعلقةُ بالفرائِضِ التي داوَمَ عليها النبيُّ ﷺ. ومن فضلها العظيم أنها خيرٌ من الدنيا وما فيها،  بل قال ابن العربي المالكي: " فلا خلاف بين العلماء أنَّ تسبيحةً واحدةً خيرٌ من الدنيا وما فيها، فكيف بركعتي الفجر؟ ". [عارضة الأحوذي (2 / 244)]  وهذا الحديث وغيره من أدلة الكتاب والسنة التي تُذكر العبد بالمفهوم المستقيم للحياة الدنيا، وتُبيِّن له الغاية الأولى والعظمى من وجوده، وهي عبودية الله سبحانه. البعض إذا سمِعَ لهذا الخطاب ظنَّ أنَّ المرادَ هجرُ ملذات الدنيا والاستمتاعُ بها، ولا شكَّ أنَّ هذا فهمٌ مغلوط، قال سبحانه: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾. لكن لما كان الإنسان ظلومًا جهولًا، كان من تربيةِ اللهِ لهُ: تحذ

الشهوة وضوابطها: بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان

بسم الله الرحمن الرحيم يتبجَّح كثير من دعاة اللبرالية والنسوية وغيرها من المذاهب الإلحادية؛ بوصف المؤمنين، أهل العفاف، والحشمة، والأخلاق الكريمة، بأنهم شهوانيون، وعندهم "هوس" تجاه النساء! وتجدهم ينظرون باحتقار إلى إباحة شريعة الإسلام للتعدد، وعناية الشريعة بالحجاب والستر وتجريم التبرُّج والسفور، وإيجاب غض البصر، ومنع الاختلاط المحرم ...إلخ، فيتظاهرون بالترفُّع عن هذه الأمور وأنهم لا يقيمون الإنسان إلا بفكره وعقله وروحه. والواقع أننا لو فحصنا موقفهم تجاه الشهوات والنزوات، لوجدنا دينهم ومنهجهم مبنيٌّ على تعزيز الشهوات واتخاذها إلهًا، فهم دعاة حرية الزنا والإباحية، ودُعاة الإجهاض، بل أينما وُجد دُعاة اللـ.و اط تجدهم أول داعِمٍ لهم، ويسعون لإرغام المسلمين على التوقيع على المعاهدات الدولية التي تفتح أبواب الرذيلة والشذوذ، كوثيقة (سيداو) وغيرها، ليُفسدوهم كما أفسدوا أنفسهم. بل من شدة هوسهم بالشهوات: يسعون بأيديهم وأرجلهم إلى إدخال منهج الثقافة الجنسية في مدارس الأطفال والإعلام الخاص بهم!   وكأن البشرية كانت محرومة من معرفة كيفية معاشرة الرجل للمرأة حتى جاءنا هؤلاء المسوخ لنتع

وقفة مع عباد البقر - وشبهة زواج النبي ﷺ بعائشة وهي في التاسعة

بسم الله الرحمن الرحيم فقد خرجَ في الأيام الماضية بعض أعضاء الحزب الحاكم في الهند واستهزأوا بالنبي ﷺ وبزوجه عائشة -رضي الله عنها-، وكان مما أثاروه: مسألة زواج النبي ﷺ بعائشة ودخوله بها وهي في سن التاسعة. وهذه الشبهة ليست جديدة، فقد سبقهم في لَوْكِها المستشرقون، ثم الزنادقة والمنافقون الذين يعيشون بين أظهر المسلمين، فيُثيرون هذه الشبهة للتشكيك في حُجِّية السنة النبوية، أو لأجل الطعن في الإسلام بصورة عامة. وهذه الشبهة -إن صح تسميتها شبهة- لم تنتشر بين المسلمين ويكون لها أثر إلا في هذا القرن الذي نعيشه الآن؛ وذلك أن عامة جداتنا قد تزوجن في سنٍّ مُقاربٍ لسن زواج عائشة -رضي الله عنها-، لذلك لو أن الكفار والزنادقة بثوا هذه الشبهة قبل سبعين أو ثمانين سنة لما كان لها هذا أثر... بل لو كان الزواج في هذا السن مطعنٌ ومسبَّة لسارع إلى ذلك كفار قريش والمنافقون في المدينة وطعنوا بها في النبي ﷺ، فهم يتربصون بأدنى خطأ وهفوة للطعن في الإسلام، تمامًا كما يفعل إخوانهم المنافقين اليوم من العلمانيين والليبراليين. وصحيح أنَّ هناك فرقًا بين زمان النبي ﷺ وبين زماننا، لكن حتى هذا الاختلاف ليس كبيرًا، والواقع يُ

علمَنَة السيرة النبوية، د. عصام البشير نموذجًا

صورة
  بسم الله الرحمن الرحيم [علمَنَة السيرة النبوية، د. عصام البشير نموذجًا] قد كتبتُ مقالًا عن مُداهنة عصام البشير للشرك ودُعاتهِ، وذكرتُ شيئًا عن نشأته التي أثَّرت سلبًا على فهمه للدِّين، وذكرتُ مثالًا على طريقته الحركية الفاسدة مع القبوريين [1] . وقد مارَسَ عصام البشير ذات الطريقة الحركيَّة السابقة في التعامل مع بعض المبادئ الغربيَّة السياسية، ففي مقطعٍ له منشور بالفيسبوك [2] تكلم فيه عن أنَّ الإسلام سبقَ الغرب في مبدأ المواطنة والإنسانية الغربي، فقال: " ومجتمع المدينة فيه أهل الكتاب من اليهود والنصارى، وفيهم مجتمع الأمة أهل القبلة، فقام دستور المدينة الذي يُؤسس لمرتكز العلاقة بين هذه التعددية الدينية والتعددية اللسانية والتعددية العرقية والتعددية الثقافية والقبلية، على قاعدة المواطنة منطلقًا للحقوق والواجبات " . ثم يقول: " ثم هذا المجتمع الذي نشأت فيه كما قلنا هذه التعددية لم يكن فيها محوًا للآخر ولا إلغاءً له ولا إقصاءً له بل كان هذا التعايش، وكانت القاعدة: أنَّ لهم من الحقوق وعليهم من الواجبات مثل ما لنا، هذه الصحيفة التي مثَّلت دستور المدينة كانت سبقًا في ح